2010/12/21

مسلمو أستراليا..هجرة تحتاج إلى فاعلية

مسلمو أستراليا..هجرة تحتاج إلى فاعلية



قليلةٌ هي الكتابات التي تتناول أوضاع المسلمين في أستراليا، وربما يكون ذلك نابعًا لقلة الدعاة الذين يَفِدُون لهذه القارة التي تعتبر أصغر قارات العالم، وأقلها سكانًا، على الرغم من تعدد هجرات الجاليات العربية والإسلامية إلى هذه القارة.
ولا شكّ أن حال الجاليات المسلمة في أستراليا لا يقل بحال عن الجاليات المسلمة الأخرى الموجودة في دول العالم؛ إذ إنها تتعرض لأنواع شتى من التشويه، بفعل الدعاية الصهيونية المسيطرة على المال والإعلام في معظم دول العالم، والتي قد تنجح تارةً في استعداء الحكومات ضد المسلمين، وقد تفشل بجهود إسلامية محدودة لصدّ هذه الحملات.
لذلك كانت هذه الجاليات -وخاصة الجيل الثاني منها- بحاجة إلى من يحافظ على هويتها الإسلامية وحمايتها من الذوبان في الهويات الأخرى، وهو ما حرصت عليه الجاليات المسلمة بإقامة مجموعة من المدارس الإسلامية في مدينة بيرث بغرب أستراليا لتعليم الجيل الثاني من أبناء الأقليات المسلمة.
وفي هذه المدينة تنتشر الكثير من الجاليات العربية والإسلامية، والتي جاءت نتيجة هجرات إلى القارة الصغيرة، عندما فكروا في الهجرة، بعدما شعرت الحكومة أن أستراليا نفسها يمكن أن تكون موطنًا للذهب فاستقدموا عمالًا مسلمين من أفغانستان للعمل في المناجم الأسترالية، وأخذ هؤلاء الأفغان ينشرون الدين الإسلامي وقاموا ببناء أول مسجد في غرب "بيرث"، وكان ذلك في عام 1904م.
وأعقب هذه الهجرات الداخلية للمسلمين إلى أستراليا انتشار الإسلام في أستراليا بشكل عام، حتى تتابعت الهجرات، وانتشرت معها الدعوة الإسلامية ووصلت إلى الحالة المشار إليها.
وفي أستراليا يتنوع انتشار الأنشطة المختلفة ذات الاتجاه الإسلامي، من مراكز إسلامية إلى إنشاء المدارس والقاعات لتُقام بها المناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة، في الوقت الذي يخطط فيه المجلس الإسلامي الأسترالي لتأسيس مجمع خاص بمسلمي أستراليا في خطوة تهدف إلى الحفاظ على العادات والتقاليد الإسلامية، فيما يراها البعض أنها قد تقوّض اندماج المسلمين داخل المجتمع الأسترالي.
وينتظر أن يوقع المجمع، بمقاطعة ريفرفال في مدينة بيرث، بتكلفة 10 ملايين دولار، وسيتكوّن من ستة طوابق، ومنشأة ترفيهية ومرأب للسيارات تحت الأرض، وسيتضمن أيضًا قاعة لمناسبات الزواج والعزاء والأفراح، وموقعًا للأنشطة الدينية والتعليمية للطلاب المسلمين.
وعلى الرغم من كل هذه الأنشطة فإنه نتيجةً لانتشار المسلمين فإن العديد من استطلاعات الرأي تشير إلى أن الأستراليين ينظرون إلى الإسلام على أنه تهديد لطريقة الحياة الأسترالية.
الخوف من الإسلام
وفي هذا السياق فإن تقريرًا حكوميًّا في أستراليا يكشف عن أن المسلمين يواجهون ظاهرة "إسلاموفوبيا"، بالإضافة إلى معاملة تعتمد على العرق لم تحدث من قبلُ، في الوقت الذي يشكل فيه المسلمون في أستراليا ما يقرب من 1.5% من مجموع سكان أستراليا البالغ عددهم 20 مليون نسمة.
وأمام هذا الدور الإسلامي، فإن الجاليات اليهودية لا تكفّ عن محاربة كل ما يتعلق بالإسلام، وبالتالي فهي لا تتورع عن استعداء الحكومة الأسترالية للوقوف ضد المسلمين.
ولكن على الرغم من ذلك فقد استفاد المسلمون من أحداث سبتمبر الشهيرة، فعندما قام وفد من الحكومة برئاسة رئيس الوزراء بزيارة للمدارس الإسلامية، طلب منه القائمون على أمرها أن تُتاح لهم الفرصة في وسائل وأجهزة الإعلام لعرض حقيقة الإسلام، وأن الإسلام لا يدعو إلى العنف والإرهاب، وأنه دين تسامح وحوار مع الآخر.
وإذا كانت هذه المحاولات قد نجحت جزئيًّا في إفشال بعض المحاولات اليهودية ضد المسلمين، إلا أن مساهمتها في تعريف الحكومة للاستجابة لمطالب المسلمين كانت أكثر، حيث منحت الحكومة أبناء الجاليات المسلمة فرصةً في القناة التليفزيونية بغرب أستراليا، لعرض الفهم الصحيح للدين الإسلامي.
ومن هنا فإن وسيلة المسلمين في هذه المدينة عرض النموذج الصحيح للإسلام، ليتركوا بعد ذلك القبول والرفض للآخرين، وخير دليل على صحة وإيجابية الأسلوب الذي تنتهجه مثل هذه المدارس، حسب عدد من المسئولين عليها، أن وفدًا من الشرطة الأسترالية كان يزورهم من وقتٍ لآخر لمتابعة النشاط الذي يقومون به في المدارس.
وفي أستراليا ثلاث مؤسسات على درجة من الأهمية للمسلمين، وهي: "المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية"، و"إذاعة القرآن الكريم"، و"المجلس الأسترالي لشئون المرأة"، وأن هذه المؤسسات الثلاث ساهمت في إنشاء مؤسسة رابعة هي "بيت المعوّق المسلم"، فهو أحد ثمرات جهود هذه المؤسسات.
أما عن إذاعة القرآن الكريم فقد أُنشئت عام 1977م، من تبرعات أبناء المسلمين في أستراليا، وبصورة أدقّ بتمويل ذاتي من 5 أشخاص من المسلمين المقيمين في أستراليا، ولم تقُم أي دولة عربية أو إسلامية أو أي مؤسـسة خيرية بتمويلها.
وتنطلق هذه المؤسسات من فهم أشمل للإسلام، وتقدم لغير المسلمين عددًا من البرامج الدعوية، وندوات ومحاضرات متخصصة في الرد على الشبهات التي تُثار حول الإسلام والمسلمين، وتقدم مثل هذه الأعمال بلغة علمية مقنعة، يفهمها الأستراليون.
الدور السياسي
وعلى الرغم أيضًا من الأنشطة الإسلامية، التي توصف بأنها محدودة، فإن الدور السياسي للمسلمين لا يزال ضعيفًا، وأحيانًا لا يكون قائمًا بسبب المشاكل والدعايات التي تواجه المسلمين، ومنها المشاكل القائمة بينهم نتيجة للخلافات التي تعترضهم، الأمر الذي أعاق التفكير في ممارسة العمل السياسي، بالرغم من تمتع معظم المسلمين بالجنسية الأسترالية.
فضلًا عن ذلك فإن اللوبي الصهيوني يؤثر على معظم الأحزاب الأسترالية، وخاصة أكبر حزبين وهما "العمال والمحافظون", كل ذلك ساهم في إضعاف الدور السياسي للمسلمين، بحسب مراقبين لأوضاعهم هناك.

ليست هناك تعليقات: