2010/10/30

عبثية ملحد عربي



لأن ملك او رئيس بلاد ما  لم يشفي المريض من  مرضه فهو غير موجود، ولأن الفساد والمرض انتشر بسبب تجاهل الملك او الرئيس  لنظام التأمينات الصحية العادل فمن المحتم أنه غير موجود ومن الحتمي أن يكون شريرا، ولأنه هو من أوجد شياطين الاستخبارات فمن الحتمي أيضا أنه جزء لا يتجزأ من الشر الشيطاني المطلق.
وإذا جاءت اللحظة التي يهتم فيها الملك  او الرئيس بنظام التأمينات الصحية والإشراف بشكل مباشر على كل مريض في حدود الدولة نظرا لامتلاكه قدرات خارقة للعادة البشرية، فمن الحتمي أن السبب هو "النظام" الإداري المحكم والمدهش والمذهل والرائع والمتماسك والذكي الذي صنعته "الصدفة"!
إذا فهو لا زال غير موجود!
يا للحمق!!
حتى السؤال عن الخالق تعالى هو بذاته اعتراف بعلة أولى للوجود وما هي تلك العلة؟ إنها الصدفة والتطور في صراع البقاء، وليست علة مطلقة تملك القدرة في الحفاظ على ذلك النظام من الفوضى العبثية الغير خلاقة!

ذلك هو منطق الملحد، وهو منطق عاطفي يتعارض مع المنطق العقلي!
مسألة إرادة الله ، ولماذا خلق العالم ولماذا أوجد الشر والمرض والفقر والقهر والألم والقتل والكراهية، هي مسألة تأتي في الأولوية بعد سؤال إذا ما كان عز وجل موجودا أم لا؟
إذا سلمنا عبر المنطق بعدم وجوده فنحن لسنا بحاجة للبحث عن ذلك السؤال لأنه لا يثبت من القضية علة. أما إذا سلمنا بوجود واجب الوجود فنحن في حينه نكون قد تدخلنا في إرادة تلك القوة المطلقة العظيمة والتي أوجدتنا من عدم، وذلك ما لا يجوز. هي إرادة الخالق الحرة، يصنع بعالمه ما يشاء وليس لنا سوى أن نلتجئ طلبا لرحمته وعفوه بعد أن أدركنا وجوده. وهو أيضا العادل لأنه رحيم بخلقه حتى بعد عذابهم، وإن كان لا يغفر أن يشرك به أبدا.
نحن المؤمنين لا نملك الإثبات القطعي المحسوس على وجوده تعالى، ولا يملك الملحد نفس الإثبات غير أنهما لا يستويان في ميزان المنطق، فالأول يؤمن بالله بمجمل شواهد إثبات الخلق العلمية أو الخارقة للعادة أو حتى القلبية والحدسية، كعدم اتفاق الرسالات السماوية على الكذب، أما الآخر فهو يؤمن بعدم وجوده عبر نتائج الإرادة الإلهية، لم يقبل النتيجة فطمس السبب!

هذا هو الملحد أينما كان، أما الملحد العربي المعاصر فهو للعبث عنوان، حمل نفسه بالكبت الاجتماعي الممتد منذ قرن، وغضب يحول به مئات الألوان إلى سواد قاتم، وعبادة للغلبة الغربية التي لم يقرأها جيدا، معتقدا أن الغرب تفوق علميا وعسكريا واقتصاديا لأنه كفر بالخالق، فنسي أن ديكارت الذي كان يمجد العقل، ابتكر منهجه كي يمجد الكنيسة، وأن ذلك الكفر الذي شاع في الأمة الغربية لم يأتي سوى بعد فتح القسطنطية مع نهاية الحروب الصليبية الآثمة، وانشغالهم بأنفسهم علميا حتى ظهر دارون وماركس ومجموعة من الفلاسفة الذين مهدوا لتلك الطفرة الإلحادية المتأخرة، والتي جاءت بعد قيادة الدين للمجتمع، وعندما بدأ يتجه للإلحاد في القرن العشرين، قطف الثمرة وبدأ في التفكك المادي المتسارع خوارزميا في داخل هذ الهدوء الصارخ.
فتراه يلعن في إسلامنا وكأنه السبب في تراجع القضاء في البلدان الاسلامية العربية ، وفي اختلافنا مع بعضنا البعض، وفي استبداد الحكام بحرية الرأي وفي الفساد الإداري وفي الجهل العلمي. وإذا ما ادعى الموضوعية راح يستعين بفولتير ودارون وسارتر .
قد يلحد المواطن الفرنسي أو الأمريكي لأنه لم يقتنع بالرسالة النصرانية وهو على حق في كفره بالإنجيل، وقد يلحد اليهودي كونه يرى الدين اليهودي يمثل الكراهية للأغيار وهو على حق في كفره بالتوارة. غير أن الملحد العربي يكفر لأنه غاضب من لسانه ومن يده ومن وجهه، ولأن المسلمين أصبحوا في ذل بعد عزة، أو يكفر لأن العرب لا يتفقون على كلمة  ...
فأرسطو هو الإله وهيجل هو النبي وفرانسيس فوكوياما هو المبشر وهنجتون هو الداعية، والعياذ بالله كثيرا من الشرور.

نحن أمة صنعت تاريخا للحرية العلمية وأوجدت أكبر ثورة علمية في الوجود عبر القرآن، ولم يأتي في ذلك العدد الهائل من العلماء العظام سوى ما لا تحصيه الأصابع من الملاحدة المعروفين، كابن الراوندي وشكوكيات المعري اللذان كانا فيلسوفان من الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، مضطربان نفسيا، قست عليهم الظروف فزلزلتهم حتى لم يقدرا على استقراء الحقيقة فوق كل ميل وهوى. جهلا ومعهم نفر من الزنادقة حتى بالطبيعة الإنسانية فأسسا تصوراتهما الفلسفية المبنية على أسس خاطئة وغريبة وناقمة تنضح بالقهر والكراهية. الأول من أثنية يهودية كان مهزوزا وانتهازيا ووصوليا لم يثبت على مذهب، طعن في رسول الله بمبادئ ساقطة في ميزان العقل، والآخر كان كفيفا محروما ضعيف النفس والجسد، غير أنه قاوم بعض ما في نفسه وحاول التماس التجرد نرجو له من الله الرحمة.

منقول بتصرف عن  ماجد الحمدان
http://malhamdan.elaphblog.com/posts.aspx?U=2193&A=21452

ليست هناك تعليقات: